قصة إسلام شنودة وحنا
السلامعليكم ورحمة الله وبركاته.. هذه
هى قصة إسلام الأخوة الثلاثة النصارىالذين
منّ الله عليهم بالإسلام وكنت بفضل الله سبباً فى ذلك وكنت أنوي أنلا
أنشرها حتى تكون لله فقط إلى أن أشار علىّ أحد أهل العلم بنشرها لمافيها من
فوائد.
تبدأأحداث هذه القصة بعد صلاة فجر
أحد الأيام عندما كنا نصلي بالمسجد الجامعبمنطقتنا
وبعد أن صلينا كنت أقف مع أحد إخواني بجوار المسجد للإطمئنان علىأخباره
حيث أنه كان مشغولاً الفترة التى قبل هذه القصة مباشرة ولم أكنأراه إلا
مرة واحدة فقط كل أسبوع وأثناء كلامي مع أخي هذا فوجئنا بشابيقترب
منا ويسألنا عن أقرب عيادة لأحد الأطباء أو مستشفى وكان ظاهراً عليهعلامات
الإعياء والمرض الشديد فعرفنا سريعاً أنه ليس من أهل الحي الذينسكنه
لعدم معرفته بالأطباء الموجودين أو المستشفيات وكان الوقت مبكراًجداً(
بعد صلاة الفجر ) وكان صديقي على موعد للسفر فودعته سريعاً ثماصطحبت
السائل هذا إلى مستشفى صغير تسمى نهر الحياة هى الوحيدة القريبةمنا
والتى هى تعمل فى ذلك الوقت وللعلم فإن هذه المستشفى يملكها النصارىويديرها
النصارى ولا يعمل بها إلا نصارى وكانت هذه المستشفى تبعد عنامسافة
واحد كيلو متر تقريباً .
وبعدمائة متر فقط وجدت أن هذا
المريض بدأت تزداد عليه علامات الإعياء والتعبولا
يستطيع أن يمشي فعرضت عليه أن أحمله ولكنه رفض في بادئ الأمر ولكن بعدذلك شعرت
بأنه فعلاً لن يستطيع أن يكمل المسافة إلى المستشفى ماشياًبجواري
فحملته على كتفي بقية الطريق وحتى أُهون عليه وأُنسيه آلام المرضفتحت معه
حواراً للتعارف بيننا فبدأت بذكر إسمي له ومكان سكني فسكت هو ولميخبرني
بإسمه فسألته عن اسمه حتى أُخرجه من دائرة الألآم بكلامه معيفأخبرني
باسمه فقال ( مجدي حبيب تادرس).
فعلمتأنه نصرانى وعلمت لماذا لم يرد
أن يخبرنى باسمه من تلقاء نفسه ثم توقع هومني أن
أُنزله من على كتفي وأتركه يكمل طريقه بنفسه فقال لى الله يكرمك ياشيخ أحمد
نزّلني واذهب أنت حتى لا أُؤخرك فقلت له إن ديننا لا يأمرنا بذلكإنه
يأمرنا بإسداء المعروف وفعل الخير لكل الناس ومساعدة المحتاج وإغاثةالملهوف
وبدأت أذكر له أكثر من ذلك طمعاً في إسلامه أو على الأقل أن يعلمحقيقة
ديننا وأنه دين الرحمة فى مواطن الرحمة وأنه ليس دين الإرهاب وأنالآيات
الحاثة على الإنتقام من الكافرين لها مواطنها وهى الحرب وما إلىغير ذلك
من توضيح روعة الإسلام فشعرت أن ذلك يشق عليه لأنه مضطراً أنيسمعني
وهو لا يستطيع ذلك لشدة الألم الذي كان يشعر به فسكت عن الكلام حتىوصلنا
إلى المستشفى وعندما وصلنا إلى هناك وجدنا العاملين بالمستشفىنائمون
فتعجلتهم بفتح الأبواب وإيقاظ الأطباء فرأيتهم يتحركون ببطء شديدمع أن
المريض(مجدي) يتأوه ويتألم بأعلى الأصوات ففطنت أنهم يهملوننا لأننيمسلم (
ذو لحية ) .
فبادرتبالنداء على المريض باسمه الذي
يفهمون منه أنه نصراني فقلت له ( يا جرجسأقصد يا
مجدي ) كأننى أخطأت عندما ناديته ولكن في حقيقة الأمر كنت أناأتعمد
ذلك ( وما ذلك إلا لأن اسم مجدي هنا فى مصر من الأسماء المشتركة بينالمسلمين
والنصارى فإذا قلت يا مجدى لن يفهم العاملون أنه نصراني مثلهم)
وتوقعتأن العاملون بالمستشفى لن
يزيدهم شيء معرفة أن هذا المريض نصراني ولنيزيدهم
نشاطاً وإسعافاً للمريض معرفة ذلك من عدمه ودعوت الله بذلك أى أنلا تتغير
معاملتهم للمريض بعد معرفة أنه نصراني مثلهم.
وبالفعلتم ما توقعته وما دعوت الله من
أجله وكان سبب توقعي لذلك أن هذا الوقت منالأوقات
العزيزة على الإنسان ويحب فيها النوم وأن الله أخبرنا أنه أغرىالعداوة
والبغضاء بين النصارى بعضهم البعض وكان سبب دعوتي أن يتم ماأتوقعه
وأن يرى هو بنفسه الفرق فى المعاملة بين المسلم والنصراني، فالمسلمليس من
دينه ولكنه ترك وقته ومصالحه ومشى به حاملاً إياه على كتفه،والنصارى
بني دينه أهملوه مع ما يجده من شدة الألم، وبعد أن وجد هو بنفسههذه
المعاملة السيئة منهم، وجدته يبكي فقلت فى نفسي أتتك فرصة كبيرة إنهيبكى
حزناً على انتمائه لهذا الدين وأنه لا يحث متبعيه على هذا السلوكالذي
سلكته أنا معه، فبدأت أطمع أكثر في إسلامه وقلت إنه الآن أقرب مايكون إلى
الهدى.
فقمتبتعنيف العاملون ونهرتهم على
عدم إسراعهم فى إسعافه ثم حملته الى السريرللكشف
عليه لتشخيص حالته وإعطائه بعض المسكنات حتى يهدأ ويشعر بالراحةفرفضوا
أن يقوموا بالكشف عليه من الأساس إلا بعد دفع قيمة الكشف فسألتهمعن
القيمة فقالوا إنها ثلاثون جنيهاً فقال هو لا يوجد معه غير خمسة جنيهاتفرفضوا
أن يبدأوا الكشف إلا بعد دفع القيمة كاملة فصرخت فيهم: كيف تعلقونحياة شخص
على دفع قيمة الكشف مقدماً، فرفضوا ولم يكن معي وقتها أى نقودفليس من
عادتي أن أخرج إلى صلاة الفجر مصطحباً نقوداً، ولكن كانت معىساعتي
اليدوية الخاصة بي وكانت قيمتها تتعدى خمسمائة جنيهاً، فعرضت عليهمأن
يأخذوها ويتموا الكشف على المريض وإن لم أحضر لهم المبلغ كاملاً قبليوم واحد
تكون الساعة ملكهم فوافقوا هم على ذلك وكل ذلك يحدث أمام هذاالمريض
(مجدي).
فبدؤوا بالكشف عليه فشخصوا حالته على أنها بعض الحصوات في
الكلى وأعطوه بعض (المسكنات) تحت حساب الساعة طبعاً
ثمجلست بجواره على سريره حتى يطمئن
بوجودي بجانبه وبالفعل أخذ يمسك يدايويقبض
عليها كأنه يريد أن يشكرنى فبادرته بقولى (متخفش أنا معاك لغاية ماتكون
احسن من الأول).
فابتسم وقال بصوت خافت: "هوا كل المسلمين مثلك"
فقلتله: "إن هذه هي تعاليم
ديننا لكل المسلمين وأن الذي لا يفعل ذلك هو المخطأفليس
العيب في الدين ولكن العيب في الذي لا يتمسك به"
فنظر إلي وقال مبتسماً (إنت خلبوص أوي يا شيخ) فبادلته الضحك
وتبادلنا الضحكات والقفشات حتى أُؤنسَهُ.
فلمابدت عليه علامات الإرتياح وذهاب
الألم طلب منا العاملون بالمستشفىمغادرتها
لأن المبلغ الذي سيأخذونه مقابل الكشف فقط وليس مقابل الإقامةفعلى صوت
المريض (حرام عليكم أنتم مبتخافوش ربنا أنا لسه عيان)
فعرضتعليه أن يأتى معي إلى بيتي فرفض
وقال بل اصطحبنى إلى بيتي أنا فوافقته علىأن أجلس
معه أمرضه ولأجل لو ساءت حالته، خاصة أنه يسكن وحده وهو ليس منأهل الحي
فوافق على ذلك ثم خرجنا معاً من هذه المستشفى إلى منزله ثم ذهبتإلى
منزلي لإحضار نقود ثم ذهبت إلى المستشفى فأعطيتهم النقود واستردتساعتي ثم
خرجت منها الى السوق فأحضرت طعاماً ثم عدت إلى مجدى فوجدتهنائماً،
فلم أرد أن أوقظه فتركته نائماً وقمت أنا بإعداد الطعام فلماانتهيت
منه ذهبت إليه وجلست بجواره والطعام مجهز فلما استيقظ هو أطعمته ثمذهبت
لإحضار الدواء وعندما عدت وجدته نائماً فلما استيقظ أعطيته الدواءوأطعمته.
وهكذا ظللت معه أربعة أيام لا أتركه إلا للصلاة ثم أعود إليه مسرعاًأُطعمه
وأعطيه الدواء وأغسل له ملابسه وأسهر بجواره ولا أنام حتى ينام هووإذا
استيقظ استيقظت معه لعله يحتاج مساعدتى وفى خلال هذه الأيام أُلمّحله عن
بعد بأن ذلك من تعاليم ديننا بدون توجيه مباشر مني حتى لا يفهم أنيأفعل ذلك
حتى يدخل فى الإسلام فقط فقد كان شاباً ذكياً جداً.
وبعد أن أتم الله له الشفاء قلت له: "إنت الآن كويس لا تحتاجنى
معك سأتركك وإذا شعرت بأي ألم اتصل بي وستجدني عندك بأسرع ما يمكن".
وكانتالمفاجاة المذهلة العظيمة
الجميلة... إنها بركة العمل قد حلت سريعاً... إنها المكافأة من الله لمن عمل
لنصرة دينه... إن هذا الشاب (مجدي) يسألنىسؤال...
إنه أجمل سؤال سمعته بأذني في الدنيا... إنه يقول لي... كيفأستطيع
أن أدخل في الإسلام.
فلمأتمالك نفسي من البكاء الشديد،
وكان لهذا البكاءمنى (الغير متكلف) مفعولالسحر
عند هذا الأخ، فقام واعتنقني واعتنقته، فأرشدته إلى الشهادتينوالغسل.
ومكثنامعاً لمدة شهرين تقريباً (أقرب
شخصين إلى بعض) أعلمه مبادئ الدين ثم قامبإشهار
إسلامه في الأزهر الشريف وطلب منى أن أختار له اسماً في الإسلام،فاخترت
له اسم (عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الرؤوف)، ففرح به كثيراًوطلبت
منه أن يتكتم الأمر حتى ندبر له أمور معيشته في مكان بعيد عمن يعرفهمن أهله
حتى يستتب له الأمر.
ولكنبعد يومين فقط حضر له أخواه
ليقيما معه فشعرا بتغير كبير على أخوهما حتىعلما
بإسلامه عن طريق الخطأ منه فعنفاه وضرباه ومنعا عنه الطعام وعذبوهتعذيباً
شديداً حتى يعود إلى دينه ولكنه كان كالجبل فلما جربا معه كلالمحاولات
لرده إلى النصرانية فكرا في إلقاء الشبه عليه حتى يشككوه فيالإسلام
ويعود الى النصرانية ولم يجدا أفضل من الشخص الذي دعاه للإسلامبأن
يظهرا عجزه عن نصرة الإسلام أمامه فطلبا منه أن أحضر لمناظرتهم ففرحهو بذلك
كثيراً وطلب منى الحضور ودعونا الله أنا وعبد الله أن يمنّ عليهمابالإسلام
وبالفعلحضرت لمناظرتهما فمكنني الله من
إبطال شبههما، ثم أوضحت لهم المتناقضاتالتي فى
عقيدتهم، وظل أخوهم يتحدث بأسلوبه معهم حتى طلبا الدخول فيالإسلام.
ثم أسلما والحمد لله
ثــــم أسميتهمــــــــا
(عبد
المحسن بن عبد الرحمن بن عبد الرءوف)
و (عبـــدالملـــك
بن عبد الرحمن بن عبد الرءوف)
وبعد أقل من شهر توفى الأصغر منهم (عبدالله) وهو يصلى قيام
الليل وهو يتلو قوله تعالى:
{ وَرَحْمَتِي
وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ }
ثم كفناه وصلينا عليه ودفناه فى مقابر المسلمين.
رحمه الله رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته وألحقنا به على خير
فلقد عرفته أقل من شهرين لم يفطر فيها يوماً فقد صام كل أيامه
فى الإسلام ولم يترك ليلة لم يقمها، وحفظ ثلث القرآن